أ.د . علي حسن رسن

كلية التربية - قسم الفيزياء


الرئيسية

كلمة الاستاذ الدكتور علي حسن رسن هذال
ان حبي وتقديري لمهنة التعليم يعـودان الـى سـنوات الدراسة الأولى من حياتي الى مرحلة الدراسـة الابتدائيـة. اذ تتلمذت حينها وذلك من حسن حظي على أيدي مربين افاضـل تمتعوا بأطيب الخصال والصفات وكانوا يتمتعون بسـبب ذلـك بحب مجتمعهم وتلامذتهم واحترامهما. وتشكلت لدي منـذ ذلـك الوقت الصورة المشرقة عن المعلم بوصفه الأنمـوذج والقـدوة والذي اعتدنـا ونحن صغار ان ننـشد له في تلك السنوات التي تبدو اليوم بعيدة على الرغم من انها لازالت قريبة تسكن ذكرياتنا وقلوبنـا
ان مكانة الجامعات وسمعتها ترتبط بالمستوى الأكاديمي ومكانة الأساتذة الذين يعملـون ضـمن كلياتها وأقسامها . لذلك تهتم الجامعات المشهورة في الـدول المتقدمـة حـضارياً بتأهيـل الأسـاتذة الجامعيين على كل الأصعدة وتختارهم للعمل لديها وفق مستواهم الأكاديمي وكفاءتهم وسيرتهم الذاتيـة واختبار شخصياتهم على وفق مقاييس خاصة. المتتبع لواقع التعليم الجامعي في بلدنا العراق يجد انه يعاني أوجه قصور عديدة وخاصة ما يرتبط منها بادوار المدرس الجامعي ففي مجال التدريس مازالت الأساليب التقليدية هي الشائعة مـع إهمـال شديد للأساليب المصحوبة باستخدام التكنولوجية المتطورة ، وفي البحث العلمي يجد مـن النـادر ان نعالج البحوث التي يقوم بها استاتذه في الجامعات لحل مشاكل المجتمع ، وكذلك نلاحظ انفصال شـبة تام بين الجامعات ومؤسسات المجتمع ،ناهيك عن ضعف الإعداد التربوي للأستاذ الجامعي العراقي فلا توجد برامج واضحة لإعداد الأستاذ الجامعي وتوضيح أدواره وكف اياته التربوية وتختصر الاعداد فـي شهر واحد ،وهي فترة غير كافية للممارسة مهنة التدريس .
لقد أثبتت نتائج الدراسات العلمية لدى الدول المتقدمة اقتصادياً بأن ما وصلت إليه هذه الـدول من تقدم وتطور لم يكن لمجرد توفر السيولة المادية والخامات الطبيعية فحسب ، بل كان ذلك نتيجـة لاهتمام الجامعات ب توفير القوى العاملة المؤهلة التي تحتاجها مؤسسات التنمية الاقتصادية خاصـة المصانع والشركات ومؤسسات التقنية المختلفة . تقوم رسالة الجامعات في العصر الحاضر بدور بالغ الأهمية في حياة الأمم والشعوب على اختلاف مراحل تطورها الاقتصادي والاجتماعي ، إذ لم تعد مقصورة على الأهـداف التقليدية من حيث البحث عن المعرفـة والقيـام بالتدريس ، بل امتدت الرسالة لتشمل كل نواحي الحياة العلمية والتقنية والتكنولوجية ، الأمر الذي جعل من أهم واجبات الجامعات المعاصرة هو أن تتفاعل مع المجتمع لبحث حاجاته وتوفير متطلباته .
لقد بادرت العديد من المؤتمرات التربوية على الصعيد العالمي و الإقليمـي بطـرح الموضـوع الاهتمام في مؤسسات التعليم العالي بغية لفت نظر القائمين على التعليم له بجديـة، و قـد تـم التأكيد في مؤتمر اليونسكو عن التعليم العالي في القرن الواحد والعش رين علـى مـا ينبغـي علـى الحكومات و مؤسسات التعليم عمله بهذا الخصوص، من حيث البحث عن جودة النوعية في كل شيء ، خصوصاً في ظل طغيان الكم بسبب الإقبال الهائل على مؤسسات التعليم العالي ، مع الحرص علـى ضرورة السعي المستمر لتطوير مهارات أساتذة التعليم العالي من الناحي تين العلمية و المهنية . لقد أشارت العديد من الدراسات ان الجامعات لا تستطيع مواصلة عملها بشكل متكامل بمعـزل عن أعضاء هيئة التدريس ، لذا بات من الضروري السعي باتجاه تنمية مهاراتهم على النحو الـذي يمكنهم من الاضطلاع بأدوارهم الم نسجمة مع متطلبات العصر إضافة لتعزيز دورهـم الفاعـل فـي تحقيق جودة التعليم . لذا أخذ الاهتمام بتطوير مهارات أعضاء الهيئات التدريسية فـي الجامعـات يحظى باهتمام كبير في جامعات امريكـا وبريطانيا وكندا و فرنسا والعالم العربـي خـصوصاً فـي جامعات دول الخليج، ومصـر والاردن والجزائــر و العراق.
ان الجامعة بأي حال من الأحوال مهما كانت إمكانياتها المادية والاقتصادية لا يمكنها ان تحقق وظائفها بشكل إيجابي وفعال إلا من خلال الجهود العلمية المتواصلة والعطاء الفكري المميز لأعضاء هيئة التدريس فيها . بالتركيز ع لى الامتياز في تدريس مادة التخصص وعلى النشاط في إجراء البحث والتجديد في ذلك التخصص، والقابلية على إسداء الأفكار والحلول للمشكلات المتعددة في الجامعـة، وفي المجتمع . ويلزم الجامعات أن توفر الجو العلمي والارتياح الشخصي والارتقاء المالي لأعـضاء هيئة تدريسها حتى يتفرغوا لما يتوقع منهم.
أن العصر الحديث يواجه تغيرات مستمرة اجتماعيه وسياسية وعسكرية ومعرفية وتكنولوجيـة مما يجعل وظائف الجامعة فيه متعددة الجوانب ومتشابكة ، ويتفق كثير من المتخصصين أن للجامعة دورا هاما في عملية البناء والتطوير ، اذ تتحدد الوظائف الأساسية للجامعة في ثلاث وظائف أساسية تتمثل في التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع ، ففي مجال التدريس يأتي الأسـتاذ الجـامعي وتطويره من الناحية التربوية من الوظائف الأساسية . إذ أن المجتمع الحديث يستلزم توافر كفـاءات ومهارات عالية في الأس تاذ الجامعي فلم يعد يكفي الإلمام بالأساليب التقليدية في التدريس ، بل لابـد من إتقان الوسائل الحديثة في التعليم الجامعي، ومعرفة مصادر التعلم المختلفة وكيفية التعامل معها . ويعتبر التدريس الوظيفة الأساسية لجميع مؤسسات التعليم العالي نظراً لأنه يشغل قدراً كبيـراً مـن وقت الأستاذ الجامعي وفكرهم وله أثره البالغ على طل بة الجامعة من حيث تكوين شخصياتهم وتنمية قدراتهم ومواهبهم، فضلاً عن إكسابهم كثيراً من المعارف والمعلومات والمهارات المهنية المتخصصة من ناحية أخرى. أما بالنسبة لمجال البحث العلمي : يتمثل في توجيه البح وث العلمية لما ينفع المجتمع ويزيد من كفاءة قطاعاته ويسهل في حل مشكلاته المتعددة ، ويندرج في ذلك أهمية دعـم البحـوث العلميـة وتوفير ما تحتاجه من موارد مالية وبشرية . والوظيفة الثالثة مرتبطة بخدمة المجتمع ، التي تتمثل في مدى قدرة التعليم العالي على خدمة قضايا ا لمجتمع واحتياجاته سواء كان ذلك فـي إعـداد الـدورات وإجراء الدراسات وتوفير التعليم المستمر في كافة التخصصات ولجميع فئـات المجتمـع .
إن الجامعة في الوقت الحاضر تتفوق على جامعات أخرى عندما يتواجد فيها أعضاء هيئة تـدريس مؤهلين تأهيلاً عالياً يمارسون ادوار حقيقية ، ومدعومين بموارد مادية مجزية ، وجو أكاديمي ملائـم ، وخدمات مناسبة ، مما يسهم في تجويد العملية التعليمية وإنجاحها لتكن قادرة على تلبيـة حاجـات التنمية الشاملة ومتطلبات المجتمع المتسارعه .وللأستاذ الجامعي دوراً رائداً في إعداد مخرجات ال تعليم الجامعي ، وتأهيلها بما يتناسب مع حاجات العصر إذا كان معداً لمهنته ومخلصاً في عمله .
الاستاذ الدكتور علي حسن رسن هذال
مدير وحدة تسويق النتاجات العلمية / قسم الفيزياء / كلية التربية / الجامعة المستنصرية