م.د . د.زينب علي عبد الحسين

كلية القانون - الدراسات الاولية


الرئيسية

بسم من علم الانسان ما لم يعلم والصلاة على رسول الله القرشي أفصح العرب إذا تكلم وعلى آله وصحبه أجمعين الأعلم فالاعلم وعلى ابن عمه إمام البلاغة والفصاحة ووارث علوم الأولين والآخرين الأنزع البطين المنزوع من الشرك بطين العلم على كل ملمة مولى مقدم
اما بعد
من فضل الله على خليقته أن جعل لكل أمة من خلقه نظاما لغويا خاصا للتفاهم والتخاطب بينهم بحسب مقتضيات وطبائع خليقتهم وتنوعاتهم تباينا واختلافا أو تقاربا وائتلافا تصديقا لقوله تعالى: "وما من دابة في الأرض ولا طائر بطير بجناحيه إلا امم أمثالكم "سورة الأنعام:٣٨ وقوله تعالى:"وورث سليمان داوود وقال يا ايها الناس علمنا منطق الطير واوتينا من كل شئ "سورة النمل:١٦
فاللغة بمستخلص تعاريفها وسيلة اتصال بين طرفين لإيصال مدلول يدل عليه دال سواء أكان ذلك الاتصال لغويا أو مرمزا برموز واشارات ولعل موضوع شروحاتنا تتناول اللغة بوصفها نظاما تواصليا بين ذوات مدركة تمتلك خصائص النظام الصوتي المدرك الخاص بالانسان وليس النظام الخاص باللغة غير المنطوقة مثال انموذجها غير المصوت اشارات لغة الجسد وسمات الملامح والانفعالات التي تنعكس بوصفها لغة غير منطوقة وهذه التي نعنيها قد تناولها العلماء بالحدود والتعريفات مثالهم في ذلك تعريف ابن جني (من علماء القرن الرابع الهجري) حين عرفها بقوله "هي أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم " في حين عرفها دي سوسير بوصفه من أبرز علماء اللغة في العصر الحديث في كتابه (علم اللغة العام) بأنها نتاج إجتماعي لملكةاللسان ومجموعة من التقاليد الضرورية التي تبناها مجتمع ما ليساعد افراده على ممارسة هذه الملكة"ودي سوسير هو ممنهج المدرسة البنيوية وعلوم اللسانيات الحديثة ولد في جنيف عام ١٩١٣.
ولعلنا نستخلص من التعريفين اعلاه أن اللغة وضعت لمؤدى وظيفي في محيط اجتماعي معين مهمته الإيصال فضلا عما اورده رومان جاكبسون من وظائف للغة لخصها في الوظائف الآتية:
الوظيفة التعبيرية والوظيفة الانتباهية والوظيفة الشعرية والوظيفية المرجعية ووظيفة ما وراء اللغة التي تعد لغة مفسرة للغة نفسها.
في حين جاءت اللغة عند الناقد (مارتينيه)بتوسيمة جديدة منظرا لها بحسب ما يصطلح عليه بالنظام المغلق والنظام المفتوح فيرى ان اللغة التي تستعمل الإشارة مثلا مهما تعددت مرادفاتها تظل محدودة فهي مغلقة على تعبيرات محددة غير قابلة للاتساع مثال ذلك الإشارة بالرأس للايماء بالموافقة أو الرفض هي واحدة قد تتناقل في البنية الزمنية بمفهومها نفسه في حين اللغة بوصفها نظاما صوتيا فإنه نظام توالدي لذا فهو نظام مفتوح قابل للاتساع في الفضاءات الزمانية يمتلك خاصية ما يسمى عنده (بالتلفظ المزدوج)وهو أن كل سياق لغوي يحمل معنى من ملفوظ معين ثم أن هذا السياق بالإمكان تفكيكه إلى بنيات أخرى أطلق عليها الوحدات(المفردات) وهذه الوحدات تحمل معان بذواتها حتى لو انفرطت وتفككت من عقد سياقها المنظوم في النسق اللفظي أطلق على تلك الوحدات (المونيم) ومهمتها وظيفية وتقسم تلك الوحدات أو المونيمات بدورها إلى وحدات اصغر منها أطلق عليهما (الفونيم) وهي صوت الحروف في الكلمة الواحدة وهذه مهمتها تمييزية بمعنى أنها تميز مونيم عن آخر من خلال انساق فونيماتها(أي لفظة عن أخرى باختلاف تركيب احرفها وهذه التحركات للفونيمات عبر تفكيكها
وإعادة تشكيلها أو صياغتها تؤدي إلى اتساع المونيمات فتكون لغة توسعية توليدية وهي أهم ظاهرة موجودة في اللغة العربية يطلق عليها ظاهرة الاشتقاق التي تعد من أهم ميزات اللغة العربية التي اتسمت بكثرة جذور مفرداتها ومرادفاتها وتوليد الاسم منها وصفاته التي جعلتها في مقدمة أغنى اللغات في العالم من حيث اتساع ابنيتها لتتناسب مع مقتضى التعبيرات السياقية لتأدية المعنى وعلى ذلك ستكون باذنه تعالى المحاضرة الأولى تعريفا باللغة العربية وميزاتها وأهمية دراستها...
"وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها أن ربي لغفور رحيم"
الدكتورة زينب المعموري